كان رجل يسير مع حصانه وكلبه , في طريق , فهبت عاصفة قتلت الجميع .
لم يدرك الرجل , آنذاك , أنه فارق الحياة , واستأنف السير مع رفيقيه ...
( قد يتأتى أن الموتى يحتاجون بعض الوقت لكي يدركوا مصيرهم المستجد ...) !!!
تقدم الرجل مع حصانه وكلبه بصعوبة , عند سفح جبل , تحت شمس حارقة جدا , كانوا يتصببون عرقاً
ويكاد الظمأ يُجهز عليهم.
رأى الرجل عند منعطف ما باباً رائعاً من الرخام يُفضي إلى ساحة مرصوفة من الذهب , وفي وسطها نافورة , ينبثق منها ماء بلوري .
توجه الرجل إلى الحارس , الواقف أمام المدخل
: صباح الخير
رد الحارس بابتسامة جميلة
: صباح النور
: قل لي ماهذا المكان الجميل ؟
: إنه السماء .
: يالحسن طالعنا لقد بلغنا السماء !! .. إننا نموت عطشاً .
قال الحارس المبتسم , مشيراً إلى نافورة الماء
: باستطاعتك ياسيدي أن تدخل وتشرب من الماء قدر ماتشاء.
: شكرا لك انظر إلى حصاني وكلبي لقد أوشكا على الهلاك من شدة العطش .. أشكرك .
فقال الحارس بنفس الابتسامة الخلابة .
: آسف ياسيدي يُحظر دخول الحيوانات !!
( كان الرجل ظمآن جدا , ولكنه لايريد أن يشرب بمفرده) ..
حيا الحارس , كاتما خيبته , وتابع طريقه مع رفيقيه ..
بعد مسيرة طويلة , مُصعداً في دروب الجبل الوعرة ..بلغ مكاناً على خط حديدي مهجور محاط بالأشجار من جانبيه , وفيه باب مخلوع . وكان ثمة حارس نائم في ظل إحدى الشجرات , وقد غطى وجهه بقبعته
فقال له الرجل وهو يحرك لسانه وشفتيه بصعوبة من شدة العطش
: صباح الخير
لم يكن الحارس نائما , فرد على التحية بإشارة من رأسه .
عاد الرجل وقال وهو يترنح من العطش
: أني أموت عطشاً , وكذلك حصاني وكلبي .
قال الحارس
: أترى تلك الصخور ؟ في وسطها ينبوع تستطيع أن تشرب منه أنت وحيواناتك قدر ماتشاء.
بعد ما ارتوى هو وحصانه وكلبه , سارع بتوجيه الشكر إلى الحارس الذي رد قائلا
: عد متى شئت !
: شكرا لك , لكن أخبرني , ما اسم هذا المكان ؟!
فقال الحارس
: السماء !!!!
: السماء ؟ ولكن حارس الباب الرخامي قال لي إن السماء هناك !
: لا ليست السماء هناك .. تلك كانت الجحيم !!
ُصيب الرجل بالذهول وعدم الفهم وقال
: لم افهم كيف يكن انتحال اسم السماء ؟ إن مثل هذا الأمر قد يشوش الأذهان ويلحق بكم ضرراً !
فقال الحارس دون أن ينزع قبعته
: إطلاقاً . للحق يقال إن ذلك يؤدي لنا خدمة كبيرة
فهناك يلبث كل القادرين على التخلي عن أفضل أصدقائهم !!!!